Laïque et Indépendant
Fondé en 1988
Centre Culturel Arabe
كريم عبد - شعر
لندن، مواليد الديوانية 1951، كاتب وشاعر نُشرت له العديد من المجموعات الشعرية والقصصية وعدة كتب في السياسية
رجلٌ من قبيلةِ كعـب
لجدي حصيرةٌ من نور
لا يراها أحدٌ سواه
تُضيئـُـهُ عند صلاة الليل
حصيرةٌ من خصافٍ ورياحين
تضيئُ له الأفكارَ وجروحَ الأيام .... م
وحين يخرج جدي من مضافتِهِ الفسيحة
وحيداً في ذلك البستان الخالي
إلّا من اللهِ والملائكةِ وبيوت الفلاحينِ
متجهاً إلى الفراتِ كي يتوضّأَ لصلاةِ الفجر
تفرحُ به الشواطئُ
تتلألأُ بين يديه الأسماك وهي تلبط في المياه.... ه
جدي رجلٌ محظوظٌ لأنهُ خاليَ البال
ولأنه لا يهتمُّ لشيءٍ
كما نفعلُ نحنُ هذه الأيام
نفكّرُ بكلِّ صغيرةٍ وكبيرةٍ دون جدوى
نفكّرُ ملهوفينَ وكأن الدنيا ستنتهي غد .... اً
كان جدي – وهو رجلٌ من قبيلة كعب –
يُضيُ بساتين (الشامية) بقامته الوديعة
كان حقاً لا يهتمُّ لشيء
فلو قلتُ له، على سبيل المثال: ل
إنك يا جديَّ رجلٌ محظوظٌ
لأنكَ رحلتَ عن هذه الدنيا البائسة
قبلَ أن ترى ما رأينا نحنُ من أهوال
لكان قد ربتَ على كتفي ضاحكاً واكتفى بذلك.. ك
ولو قلتُ له: (إنك محظوظٌ يا جدي، ي
لأننا نحبُّكَ كثيراً
حتى نحنُ أحفادَكَ الذينَ لم يتسن لنا أن نراك
ونُقبل لحيتَكَ البيضاءَ ويديكَ البهيتين
بل إننا نُحبّك كثيراً
ونحتفي بحضورِكِ الجميل
وصورِكِ البهيّةِ على الجدران) ن
لتطلَّعَ إليَّ مبتسماً
وعادَ إلى أطراقتهِ الهادئةِ البعيدة
مُقلّباً مسبحتَهُ
تاركاً إياي وحيداً في بستانه الفسيح
وحيداً مُبتهجاً
قريباً من الله
تحيطُني الملائكةُ والفلاحونَ وطيورُ الحمام
لندن، 2023
!النمر الذي أتوا به إلى پاریس .. ؟
ا
النمر الحزين الذي فرَّ من السيرك البارحة
ظل هائماً على وجههِ في شوارع پاریس
لکنهم أطلقوا عليه النار فاردوه قتيلا ..!! لا .. !!
لماذا ؟ أكانوا خائفين .. ؟
لكنَّهُ كان هائماً وخائفاً هو الآخر
لم يُهاجم احداً .. لم يقترب من أحد
لأنه لا يعرف إلى أين يمضي ؟
فقد كان في الأيام الاخيرة هائماً
يسمعُ زئير أبيه قادماً من مكانٍ مجهولٍ،
زئيراً واضحاً يأتي من غابةٍ بعيدةٍ
يتلفّتُ فيتصاعد الزئير .. ر
لكنّهُ لا يرى الغابة !! ة
لقد جاؤوا به جرواً صغير .. اً
لا يعرف لماذا جلبوه إلى هنا ؟! ا
ارضعوه حليباً واطعموه شوكلاته
كي يصبح نجماً لشباك تذاكر السيرك
لكن رياح نوفمبر الباردة
تحرّكت هذا الصباح فأقلقته
سَمِعَ حفيفََ أشجارٍٍ في غابة بعيدة
فتذكر أمَّهُ وأباه
شم رائحة الغابة في الهواء
فجاشت في حناياه الأشواق
هجَّ هائماً في شوارعِ پاریسَ
بحثاً عن الغابة
بحثاً عن رائحة امّهِ وزئير أبيه
لكنهم لم ينتبهوا لنظراته الشاردة
لم يسمعوا لهاثَهُ ودقاتَ قلبهِ المتسارعة
بل أطلقوا عليه النار سريعاً
أطلقوا عليه النار فأردوه قتيلا ..!! لاً
لندن ليل 24 نوفمبر 2017
لا
طوبى لمن يكلمون الحجر
طوبى للصخرة والمزمار
طوبى للعشاق يعتلون بازاميلهم سفوح الجبال
طوبى لمن يُكلّمونَ الحجرَ
فيجعلونَهُ يفكرُ كي يفهمَ ما يريدون
فيغدو ودوداً يردَّ السلامَ على العابرين
طوبى للنحاتين يرون الجمال يتخطر بين الصخور فيبتسمون له
رافعين قبعاتهم ابتهاجاً
مواصلين الغناءَ وصعودَ الجبال
طوبى للطيور التي تظلّلُهم
ثم تلهو ضاحكةً على اكتافِهم
متطايرةً حولَ قبعاتِهم
طوبى للاشجار وظلال الأشجار
والعصافير للجبال وصخور النهار
طوبى للنحاتين الأفذاذ
وللحجرِ الودودِ حين يردُ السلامَ على العابرين
لندن 30/7/2021
أزرقٌ خفيفٌ يضربُ العصافيرَ في النوم
تنبهي قليلاً للأزرق الخفيف
يتلألأُ على شراشف الليل يلوذُ بكحلِ العيون
تنبهي للأزرق الخفيف يضربُ العصافير في النوم
تنبهي لأزرار قميصِكِ تسّاقطُ مع النجوم
تنبهي للحيارى يُطوحون حول البيت
يغنونَ لكحلةِ عينيك
لحلوِ الكلامِ المتلألأ على خاتم الألماس
تتلألأُ عيونُ الناسِ حين تّطلينَ من النافذة
يتلألأُ عشب الحيطان
تتلألأ الأشجارُ وظلال الأشجار
تنبهي للأزرق الخفيف يلوذُ بكحل الندى
تنبهي للسوتيان المُتهدل تحتَ القميص
للسيجارةِ تحرقُ أصابعَكِ
للدخانِ المتصاعدِ يؤلمُ أطرافَ الستائر
تنبهي للرشفةِ الأخيرةِ في الكأس السهران
لتثاؤب الأوراق في بُـحة القول وسُكرةِ القول
تنبهي للسفينةِ تغرقُ أو تطير
لتفكّكِ الأمواجِ ولا جدواها
تنبهي قليلاً لخفةِ الوجود
لخفةِ الأشياء في الوجود
تعالي نغني إذن
الرصيفُ ينـزلقُ بنا بعيداً
المدينةُ تطيرُ عندَ اشتدادِ المطر
تمسّكي بأشجاريَ الكثيرةِ
ودعينا نطير في ذهولِ الظلالِ
وتفككِ الساعات في وجع القصبة
وجع المزمار المجروح حين يغني المغني
فتطيرُ المدينةُ تحتَ الأمطار
تَرقصُ الأشجارُ ونرقصُ بينَ الأشجار
تطيرُ الغابةُ والظلالُ ويطيرُ الرَقصُ بالراقصين
أنت الراقصة الأولى في جميع الليالي
أنت الراقصةُ الأولى حين ينـزلق الرقص بالراقصين
لندن 1995