Institut Européen de la Langue et de la Culture Arabes 

​

في 16 كانون الأول (ديسمبر) 2011 نشرت جريدة ليبراسيون الفرنسية مقالة طويلة قالت فيها "المخدرات ليس لها لا دين

ولا حدود، ومن هنا جاء التحالف بين عصابات المخدرات، ولا سيما الزيتاس المكسيكية (1) وحزب الله الشيعي". وتعتبر الزيتاس واحدة من أخطر عصابات المخدرات في العالم. ويبدو بان علاقات حزب الله لم تكن فقط مع الزيتاس بل أيضا مع الكارتلات الكولومبية وبالتعاون مع البنك اللبناني الكندي الذي كان يقوم بغسل وتبييض أموال هذه العصابات". وقد أشارت العشرات من المقالات الصحفية الاستقصائية بأن حزب الله الشيعي وذات التبعية الإيرانية قد أنشأ شبكة عالمية واسعة لتهريب المخدرات في جميع دول العالم.    م

​

وفي 24 أيار (مايس) 2021  نشر الموقع الالكتروني (2) أورينت لو جور مقالا مُستندا فيه على مقالتين نشرتهما الصحيفتان الفرنسيتان الباريسي وجورنال لو ديمانش (3) عن تفكيك شبكة غسيل أموال نشطة في أوروبا وبيروت تعمل لصالح عصابات المخدرات الكولومبية، حيث تم تتبعها لمدة عام من قبل جهازين وهما جهاز الخدمات الأمريكية (وكالة مكافحة المخدرات) والمكتب المركزي لمكافحة الجنوح المالي الخطير الفرنسي. وقد تم اعتقال أكثر من خمسة عشر عضوا في هذه الشبكة، وجميعهم لبنانيون، ويطلقون على منظمتهم الإجرامية اسم "الأرز"، الشجرة اللبنانية المعروف.  ة

​

من بين المتهمين، خمسة تم القبض عليهم في باريس في كانون الثاني (يناير) 2016  و وضع ثلاثة آخرين رهن الحبس الاحتياطي، واثنين تم الاستشهاد بهم في الصحافة العالمية على موقع إدارة مكافحة المخدرات الفرنسية (4) في تقرير بتاريخ 1 شباط (فبراير). وكانت الشبكة اللبنانية تقوم بجمع أموال المخدرات من قبل المهربين في إيطاليا وإسبانيا وفرنسا وألمانيا ودول البنلوكس (بلجيكا وهولندا ولكسمبورغ) وترسل حصة الكارتلات الكولومبية عن طريق لبنانيين مستقرين في أمريكا اللاتينية يعملون كصرافين غير رسميين إلى كولومبيا ودول أخرى. وتشتري بحصتها اللبنانية الساعات الذهبية والسيارات الفاخرة وغيرها من البضائع وترسلها إلى لبنان وإلى باقي الدول العربية، حيث يتم بيعها بشكل قانوني.    ي

​

وبحسب صحيفة الباريسي الفرنسية، فأن التحقيقات أظهرت الصلة بين تهريب المخدرات والتنظيمات الإرهابية. وفي هذا السياق أكدت الصحيفة على أن المحققين اكتشفوا في الخلفية أن نظام الإيداع البنكي الكندي "سيدار" (5) كان يُستعمل لتمويل حزب الله وإثراء قياداته. وقد أفادت إدارة مكافحة المخدرات الفرنسية بإلقاء القبض على الرؤساء الرئيسيين لمنظمة الأرز الأوربية وهي تمثل أيضا التنظيم الأمني الخارجي لحزب الله. و وصفت إدارة مكافحة المخدرات هذه المنظمة بأنها "متورطة في أنشطة إجرامية دولية، مثل تهريب المخدرات وتبييض أو غسيل أموال المخدرات حيث تستعمل هذه العائدات لشراء الأسلحة لحزب الله في أنشطته في سوريا وأماكن أخرى وأيضا لإثراء قياداته. ويُذكر بأن مؤسس منظمة الأرز هو عماد مغنية، وأصبحت فيما بعد تحت قيادة عبد الله صفي الدين وأدهم طباجة، وقد تم تصنيف الأخير كإرهابي دولي، وفقًا لتصنيف الولايات المتحدة منذ حزيران (يونيو) 2015، و وفقًا لتقرير إدارة مكافحة المخدرات الفرنسية.   ة.

لا يوجد أي شك بأن التأثير الجيو سياسي لتجارة المخدرات وتبييض أموالها يُشكل عاملا مهما ليس فقط على مستوى التخريب الخلقي والاجتماعي بل أيضا في عمليات إسقاط الحكومات والأنظمة السياسية.   ة

​

وقد أكدت صحيفة الباريسي الفرنسية في عددها الصادر في 18/3/2019، واستنادا على تصريحات محققي المكتب المركزي لمكافحة الجريمة المنظمة في فرنسا (6)، بأن عمليات تهريب أموال المخدرات التي تقوم بها هذه الشبكات تعادل 3.5 مليار يورو سنويا في فرنسا. وتتم إدارة هذه الشبكات من قبل مصرفيين غامضين، يطلق عليهم اسم "الصراف أو الصرافين"، مقيمين في الخارج ولاسيما في العراق وسورية ولبنان، ويستخدمون طريقة "الحوالة" الغير رسمية في تحويل الأموال. إنها طريقة مصرفية غير رسمية وهي موازية تسمح بتحويل الأموال بسرعة كبيرة دون المرور بالتسجيل الالكتروني. هذه الطريقة تفلت من أي مراقبة وتجعل من المستحيل تتبع الأموال المُحولة أو بالضبط المهربة. كما أن هناك أموال أخرى كثيرة تدخل إلى فرنسا عن طريق حقائب الدبلوماسيين ولاسيما العراقيين واللبنانيين.    ن

​

ونشرت جريدة المشرق الأردنية في 18/8/2019 مقالا مطولا تحت عنوان "الأردنيون ينددون بتجارة حزب الله للمخدرات" حيث قالت فيه "الميليشيات اللبنانية تغرق الأردن بالمخدرات والتي يتم تهريبها إلى داخل المملكة الأردنية عبر المناطق الصحراوية في سوريا". "وندد أردنيون غاضبون من تدفق المخدرات على المملكة، على مواقع التواصل الاجتماعي، بحزب الله اللبناني واعتبره الكثيرون الجهة التي تقف وراء عمليات تهريب المخدرات. في نفس الفترة، "أعلنت إدارة مكافحة المخدرات الأردنية يوم 26 حزيران (يونيو) 2019 أن المخدرات من كل الأنواع تتدفق على المملكة. فبين أيار (مايو) 2017 وأيار (مايو) 2019، قالت الإدارة إنها ضبطت 3300 كيلوغرام حشيش مخدر و81 مليون حبة كبتاغون و3 كيلوغرامات من الكوكايين و106 كيلو هيروين و4 كيلو من مادة الكريستال و22 ألف كيس من مادة الجوكر الصناعي  و240 كيلوغرام من الحشيش الصناعي".    ي

​

​وفي 19 تموز (يوليو) 2020، أشارت وكالة أنباء سبوتنيك في مقالة عن تمويل حزب الله من قبل أغنياء قطريين. نفس معلومات المقال نشرتها عدة صحف عالمية منها صحيفة دي تسايت الألمانية (7). وقد ذكرت هذه الصحف قصة المقاول الألماني جيسون جي الذي كان يعمل في إمارة قطر وحصل على وثائق تتعلق بتمويل قطري لحزب الله. ومن هذه الوثائق عمليات تهريب الأسلحة من دول شرق أوربا لحزب الله ودفع ثمنها من قبل أغنياء قطر. هذا وقد حاولت قطر شراء صمت المقاول الألماني مقابل 750 ألف يورو لكنه رفض ذلك ونشر المعلومات التي لديه في الصحافة العالمية. ومن الجدير بالذكر بأن قطر لديها مشاريع مشتركة غير مُعلنة مع إيران ولم تتحقق لحد الآن تخص تصدير النفط والغاز القطري عن طريق سوريا ولبنان وربما هذه المشاريع هي السبب في دعم قطر لحزب الله ذات التبعية الإيرانية.   ن

​

​وفي شهر نيسان (أبريل) 2022  نشرت الصحف وقنوات التلفزيون والبيانات الحكومية ضبط كميات كبيرة من المخدرات القادمة من لبنان إلى السعودية. فقد تمكنت جمارك السعودية من إحباط محاولة إدخال كمية بلغت أكثر من 5.3 ملايين حبة من مخدرات الكبتاغون مخفية في فاكهة  الرمان. ويستغل حزب الله اللبناني الإيراني التبعية الفوضى السياسية في سوريا حيث يتعاون مع بعض السلطات فيها لإنتاج المخدرات  تصديرها إلى الأردن والعراق والسعودية. ويستخدم حزب الله طرق عديدة لتصدير بضاعة الموت هذه. وقد أدى اكتشاف مادة الأمفيتامين (8) المخدرة والمستعملة في صناعة الكبتاغون والمخفية بالفاكهة، إلى قيام المملكة السعودية بحظر استيراد الفواكه والخضروات من لبنان.   ن

​

وأصبح واضحا بأن حزب الله، بحكم سلطته على نقاط التفتيش الحدودية “الشرعية وغير القانونية” بين سوريا ولبنان، وبين العراق وسورية، لديه سيطرة مطلقة على جميع العمليات المتعلقة بالمخدرات. ويبدو أن إنتاج المخدرات غير المشروعة قد انتشرت بشكل كبير في سوريا خلال الحرب الأهلية، وأصبحت مصدر للدخل الذي يحتاجه نظام الأسد الذي يغمض عينيه عن ذلك. واستخدمت السلطة الحاكمة السورية وحلفاؤها عائدات تهريب المخدرات في تقوية سلطتها وللتهرب من العقوبات التي فرضها الغرب عليها.   ة

​

في شهر تموز 2019، صادرت السلطات اليونانية أكثر من 33 مليون حبة كبتاغون، أكثر من خمسة اطنان في ميناء بيرايوس الرئيسي في البلاد (9). وفي شهر أبريل 2022، صادرت السلطات اليونانية أكثر من أربعة أطنان من الحشيشة مخبأة في شحنة من آلات صنع الحلوى متجهة من لبنان إلى سلوفاكيا في نفس الميناء، بعد بلاغ من إدارة مكافحة المخدرات الأمريكية  وقالت السلطات اليونانية إن القيمة السوقية للمخدرات تقدر بنحو 4 ملايين دولار، وإن وكالة مكافحة المخدرات السعودية ساعدتها في القضية. وفي يناير/كانون الثاني 2023، بثت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) فيلما وثائقيا أظهر  إحراق الشرطة الإيطالية لـ 85 مليون  حبة أمفيتامين كبتاغون، تزن 14 طنا، كانت قد تمت مصادرتها في يونيو/حزيران 2020. وقالت شرطة الجرائم المالية الإيطالية إن المخدرات المهربة جاءت من ميناء اللاذقية السوري. وتوجد قناعة مشتركة لدى وكالات المخدرات الأمريكية والأوربية بأن حزب الله هو المنظم والمستفيد الأول من هذه التجارة. وأصدرت يوروبول (10)، وهي وكالة أوروبية لإنفاذ القانون، تقريرا في عام 2020 حذرت فيه من أن أعضاء حزب الله يستخدمون المدن الأوروبية كقاعدة لتجارة "المخدرات والماس" وغسل أو تبييض عائدات تجارة المخدرات.  ة

​

 ​ولم تتوقف تجارة مخدرات الموت هذه في الشرق الأوسط بل امتدت إلى أفريقيا. فقد أعلنت النيجر إتلاف 17 طنا من الحشيش قادمة من لبنان، كانت في طريقها إلى ليبيا حين ضبطتها قبل أن ينجح المهربون في ﻧﻘﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺘﻦ ﺷﺎﺣﻨﺎﺕ ﺇﻟﻰ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﻋﺒﺮ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺃﻏﺎﺩﻳﺰ، ﻭﺗﺒﻠﻎ ﻗﻴﻤﺔ ﺍﻟﺸﺤﻨﺔ ﺣﻮﺍﻟﻲ 37 ﻣﻠﻴﻮﻥ ﺩﻭﻻﺭ‏. أصبحت غرب إفريقيا خيارًا مفضلاً، حيث تم اكتشاف 450 ألف قرص كبتاجون في ميناء لاغوس بفضل التعاون السعودي النيجيري. ويبدو إن انتقال عمليات الشحن إلى أفريقيا جاء بعد أن فرض مجلس التعاون الخليجي حظراً أو رقابة كبيرة على التجارة مع لبنان. كما اكتشفت سلطات دول مجلس التعاون الخليجي ملايين أقراص الكبتاغون في شحنات الكاكاو القادمة من غرب أفريقيا. ويبدو أن سوريا هي نقطة الإنتاج الأصلي.

 وقد نشرت العديد من الصحف خلال الأشهر الماضية مقالات عن دور حزب الله في تجارة ونشر المخدرات في العالم وكيف بنى إمبراطورية عالمية في هذا المجال، مقالات استعرضت فيها صناعة الكبتاغون في لبنان وفي سوريا وتوزيعه وتهريبه عن طريق سوريا وكيف استطاعت أجهزة الأمن في الأشهر الأخيرة في الكويت والإمارات العربية والأردن والسعودية والعراق ضبط الملايين من حبوب الكبتاغون والتي يستعملها أيضا أعضاء الميليشيات الشيعية المسلحة ولاسيما الميليشيات الحوثية في اليمن لاحتوائها على مادة الأمفيتامين وهي مادة فعالة في قمع الخوف وتحفيز العقل. وتُقدر عوائد حزب الله من تجارة المخدرات وتبييض الأموال في هذه الدول بأكثر من 2 مليار دولار في السنة.   ة

 

وفي فبراير/شباط 2022، قال الجيش الأردني إنه قتل 30 مهرباً منذ بداية العام وأحبط محاولات تهريب 16 مليون حبة كبتاغون إلى المملكة من سوريا – وهو ما يتجاوز الكمية الكاملة التي تم ضبطها طوال عام 2021. وفي أواخر أغسطس/آب 2022، قامت السلطات السعودية بأكبر عملية ضبط لها حيث كشفت عن 46 مليون قرص أمفيتامين كان يتم تهريبها مخبأة في شحنة دقيق. وقال متحدث باسم المديرية العامة لمكافحة المخدرات في السعودية، إن هذه "أكبر عملية من نوعها لتهريب هذه الكمية من المخدرات إلى المملكة العربية السعودية في عملية واحدة". وفي فبراير 2023، ألقي القبض على رجل في مطار أبو ظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة بعد محاولته تهريب 4.5 مليون قرص كبتاغون في علب الفاصوليا الخضراء

 

ولا يوجد أي شك بأن من أسباب موافقة حكومات مجلس تعاون الخليج العربي على عودة سوريا إلى الجامعة العربية هو محاولة منها لإيقاف تهريب المخدرات لبلدانها. في اجتماع لوزراء الخارجية العرب في عمان في الأول من أيار/مايو 2023، وافقت دمشق على التعاون مع الأردن والعراق لتحديد مصادر إنتاج المخدرات وتهريبها، بحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية الأردنية.   ة

 المصطلحات وأسماء الصحف والدوائر الأوربية التي تم الإشارة إليها أعلاه 

​

1) Los Zetas (https://www.legrandplateau.com/quest-il-arrive-a-los-zetas-le-cartel-qui-a-seme-la-terreur-au-mexique/)

2) L’Orient le Jour

3) Le Parisien et le Journal le Dimanche

4) L’office anti-stupéfiant (OFAST)

5) Système de dépôt bancaire canadien (CEDAR)

6) L’Office central de lutte contre le crime organisé (O.C.L.C.O.) 

7) Die Zeit

8) Amphétamine (https://www.quebec.ca/sante/conseils-et-prevention/alcool-drogues-jeu/connaitre-les-drogues-et-leurs-effets/amphetamines)

9) Port de Pirée

10) Europol (Agence de l'Union européenne pour la coopération des services répressifs …)